الصفحه الرئيسيه
رغم أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما وجد في انهيار نظام القذافي فرصة ذهبية لرفع شعبيته وإنعاش الاقتصاد الأمريكي المترنح عبر زيادة الاستثمارات في النفط الليبي ، إلا أن الأمر كان مختلفا تماما مع حليفه نتنياهو الذي سعى بكل ما أوتي من قوة لإجهاض ثورة 17 فبراير منذ البداية .ولعل الحزن الذي خيم على الإسرائيليين في أعقاب إعلان الثوار دخولهم طرابلس وتحديدا في أوساط اليهود من أصل ليبي يدعم صحة ما سبق .
فمعروف أن هناك 120 ألفا من اليهود الليبيين يقيمون في 16 بلدة إسرائيلية وتجمعهم جمعية "أور شالوم" لحماية تراث يهود ليبيا ويصدر عنها مجلة ناطقة باسمهم تُدعى عادا.
وعبر رئيس جمعية "أور شالوم " بديتسور بن عطية المولود في مصراتة عن أسفه لسقوط القذافي ، مشيرا إلى أن جهات إسلامية ستحكم ليبيا من بعده وستحول دون زيارة اليهود لها.
وأضاف أن يهود ليبيا يشعرون بالألم لسقوط القذافي وهم يتذكرون عدم مساسه بمن تبقى منهم في ليبيا ، موضحا في تصريحات لموقع "واللا" العبري أنه قبل تفجر ثورة 17 فبراير بقليل كان يقوم باتصالات مع مسئولين ليبيين بطرق مختلفة لتيسير زيارة يهود إسرائيليين لليبيا بغرض زيارة الجذور والسياحة.
أما عاموس ليجزيال "67 عاما " وهو ابن لعائلة أصلها من مدينة بنغازي فيبكي مصير القذافي ، قائلا :" إنه لم يكن يوما ضد إسرائيل واليهود ، يهود ليبيا لم يطردوا منها بل غادروها بمحض إرادتهم".
ومن جانبه ، قال رفرام حداد "35 عاما " في تصريحات لقناة "الجزيرة" إنه يتفهم أسف اليهود من أصل ليبي على رحيل القذافي لأنه سمح لهم بزيارة البلاد خلسة في رحلات للتعرف على جذورهم ولم يتعرض لهم ولأملاكهم.
وتابع "كانت هناك مفاوضات متقدمة بيننا وبين القذافي بهدف الحصول على حصتنا من الأموال التي أعلنت إيطاليا عن نيتها قبل عامين تحويلها لليبيا تعويضا عن حقبة الاستعمار ".
واللافت للانتباه أنه بجانب الحزن الذي أبداه اليهود من أصل ليبي على انهيار نظام القذافي ، فإن حكومة نتنياهو بدت هي الأخرى وكأنها في صدمة كبيرة بعد التطورات الأخيرة في ليبيا .
صحيح أنها لم تصدر أي رد فعل رسمي بعد دخول الثوار طرابلس إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية كشفت المستور حول علاقة القذافي بتل أبيب .
الزيارة السرية
فقد كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عن قيام وفد يضم عددا من مسئولي نظام القذافي بزيارة سرية إلى تل أبيب في يوليو الماضي .
وأضافت الصحيفة أن مبعوثي القذافي حصلوا على تأشيرة الدخول إلى تل أبيب من خلال السفارة الإسرائيلية بالعاصمة الفرنسية باريس والتي حصلت بدورها على إذن أمني من السلطات الإسرائيلية.
وتابعت أن القذافي كان يهدف من إرسال الوفد تحسين صورته أمام المسئولين الإسرائيليين وضمان عدم قيام تل أبيب بدعم الثوار الليبيين.
وأشارت "جيروزاليم بوست" إلى أن الزيارة السرية التي استمرت أربعة أيام عقد خلالها المسئولون الليبيون لقاءات متعددة مع عدد من مسئولي حكومة نتنياهو .
كما كشفت أن نظام القذافي عرض على إسرائيليين من أصول يهودية ليبية خلال الزيارة دفع مبالغ مالية لهم مقابل أن يقوموا بتشكيل "حزب سياسي ليبي" في إسرائيل.
وتابعت الصحيفة أن رئيس المنظمة العالمية لليهود الليبيين مائير كاهلون أكد أنه واثنين من منظمته التقوا أيضا ممثلا عن نظام القذافي بشكل سري في العاصمة الأردنية عمان بين الأعوام 2005 و2007 وأنه عرض عليهم كذلك الأموال وتشكيل ذلك الحزب.
تصريحات بوارين
ولم يقف الأمر عند ما ذكرته "جيروزاليم بوست" ، فقد أعادت وسائل الإعلام الإسرائيلية تسليط الضوء على تقارير حول الجذور اليهودية للقذافي .
وأبدت جيتا بوارين "75 عاما " التي تقيم وعائلتها بمدينة نتانيا وتؤكد أن قرابة دم تربطها مع القذافي حزنها على ما آل إليه هو وعائلته ، متهمة الثوار بتصفيته وتجريده من الحكم.
وأضافت في تصريحات لصحيفة "يديعوت أحرونوت" في 24 أغسطس أن غصة كبيرة ملأت قلبها حينما شاهدت قناة "الجزيرة" وهي تنقل قبل أيام حديثا مع محمد نجل القذافي وقد بدا من صوته أن كل شيء انتهى.
وتابعت "ما زلت أذكر صورة القذافي في آخر زيارة له لإيطاليا حيث بدا بزيه الجميل واستقبل استقبال الملوك ، إن مصيره لمحزن جدا".
واستطردت بوارين أن الجذور اليهودية للقذافي قصة معروفة لدى أوساط اليهود الليبيين واستذكرت أن قريبتها اليهودية اعتنقت الإسلام وتزوجت في ليبيا من أحد شيوخ عشائرها.
وتابعت "كان والدي يروي على مسامعي أن خالته وتدعى ديدا طلقت زوجها اليهودي لتنكيله بها وما لبثت أن تزوجت من شيخ عربي في ليبيا وأنجبت منه عدة أولاد منهم والدة معمر القذافي".
كما أشارت بوارين نقلا عن والديها إلى أن ديدا ورغم إسلامها ظلت تحافظ على شعائرها اليهودية وكانت تزور أقاربها وتمنحهم المال وتتبرع به للكنيس.
وأكدت أنها تتذكر ملامح "الحفيد الشهير" القذافي عندما كان طفلا مشاغبا في السابعة من عمره حينما هاجرت هي وعائلتها من ليبيا عام 194وبعدها انقطعت العلاقات مع اليهود المتبقين فيها.
وعلقت يهوديت رونين الباحثة المختصة بليبيا والمحاضرة بجامعة تل أبيب على رواية جيتا بوارين قائلة إنها لم تفاجئها لأن القذافي بخلاف تصريحاته المعلنة لم يكن هو وعائلته يناصبون اليهود العداء مطلقا ، مشيرة لموافقته على حصول يهود ليبيين على أنصبتهم من أموال التعويضات الإيطالية عن فترة الاستعمار.
وكانت مجلة "إسرائيل توداي" نشرت في 25 فبراير الماضي تقريرا حول الأصول اليهودية للقذافي استنادا إلى تفاصيل أوردتها امرأتان يهوديتان من أصول ليبية قالتا للقناة الإسرائيلية الثانية في 2010 إنهما من أقرباء القذافي.
وتابع التقرير " جيتا براوين وحفيدتها راشيل سعدا صرحتا للقناة الإسرائيلية الثانية بأن أصول القذافي يهودية وأشارتا إلى أن جدة جويتا براوين وجدة القذافي شقيقتان".
وأوضحت سعدا أن القصة بدأت عندما تزوجت جدة القذافي اليهودية رجلا من بنى جلدتها ولكنه أساء معاملتها فهربت منه وتزوجت مسلما زعيما لقبيلة فأنجبت منه طفلة أصبحت والدة القذافي.
وتابعت " رغم أن جدة القذافي اعتنقت الإسلام عندما تزوجت ذلك الزعيم، فإنها تبقى حسب القانون الإسرائيلي يهودية".
وعلق المذيع بالقناة الإسرائيلية الثانية حينها بالقول :" إن المهم في ذلك أن القذافي لا يملك أقرباء من اليهود وحسب، بل هو نفسه يهودي".
وفيما أشارت "إسرائيل توداي" إلى أن ما سبق ليس بالأمر الجديد ، إلا أنها أوضحت أنه في ظل ثورة 17 فبراير ، فإن تل أبيب عليها مساعدة القذافي وحتى استقباله في حال الضرورة وفقا للقانون الإسرائيلي الخاص "بعودة اليهود".
ورغم أنه لم تتأكد بعد صحة ما سبق من مصادر ليبية ، إلا أن الأمر الذي يجمع عليه كثيرون أن إسرائيل ليس من مصلحتها بالمرة نجاح الثورات العربية المتتالية ولذا فإنها تسعى لإجهاضها بكل ما أوتيت من قوة ، ولعل هذا ما ظهر في استطلاع شهري للرأي العام في إسرائيل أعده الباحثان أفرايم ياعر وتمار هيرمن ونشرت نتائجه في 28 فبراير وأكد بوضوح تزايد القلق داخل الكيان الصهيوني بعد تتابع الثورات في الدول العربية وانهيار أنظمة طالما حافظت على الهدوء وعلاقات جيدة مع إسرائيل.
فضيحة "غلوبل سي إس تي"
أيضا ، فقد نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مصادر مطلعة في تل أبيب القول في 28 فبراير الماضي إن مؤسسة الاستشارات الأمنية الإسرائيلية "غلوبل سي إس تي " وبتفويض من حكومة نتنياهو كانت وراء إرسال مجموعات من المرتزقة الأفارقة إلى ليبيا للقضاء على الثوار المطالبين بإسقاط نظام العقيد معمر القذافي.
وأضافت المصادر السابقة أن تسريبات أمنية تؤكد أن إسرائيل تنظر إلى الثورة الليبية من منظور أمني إستراتيجي وتعتبر أن سقوط نظام القذافي سيفتح الباب أمام "نظام إسلامي" في ليبيا.
وتابعت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب إيهود باراك ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان اتخذوا في اجتماع ثلاثي يوم 18 فبراير/شباط قرارا بتجنيد مرتزقة أفارقة يحاربون إلى جانب القذافي.
واستطردت المصادر ذاتها " الاجتماع الثلاثي وافق على طلب من الجنرال يسرائيل زيف مدير مؤسسة الاستشارات الأمنية (غلوبل سي إس تي) التي تنشط في العديد من الدول الإفريقية بوضع مجموعات مرتزقة شبه عسكرية من غينيا ونيجيريا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى ومالي والسنغال وأفراد من الحركات المتمردة في إقليم دارفور ومجموعات في جنوب السودان تحت تصرف مسئول الاستخبارات الليبية عبد الله السنوسي".
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد نسبت المصادر نفسها لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال آفيف كوخفي القول خلال الاجتماع الثلاثي الذي حضره أيضا رئيس شعبة شمال إفريقيا في الخارجية شالوم كوهين :"إن المتابعة الدقيقة والرصد الثاقب أظهرا أن ثورة ليبيا يغلب عليها الطابع الديني والأصولي وإن جماعة الإخوان المسلمين لها اليد الطولى فيها وعلى الأخص في شرق ليبيا وتحديدا مدينة بنغازي".
بل وزعم كوخفي أيضا بحسب المصادر السابقة أنه إذا ما سقط نظام القذافي فإن النظام البديل سيكون "نظاما إسلاميا"، مما يوفر عمقا استراتيجيا لحركة الإخوان المسلمين في مصر والأردن والسودان.
لقاء إنجمينا
وفيما نشرت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية معلومات مقتضبة عن الاجتماع الثلاثي ، فجرت المصادر ذاتها مفاجأة مفادها أن زيف والجنرال يوسي كوبرساور ووزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق شلومو بن عامي والسفير الإسرائيلي الأسبق في باريس نسيم زويلي الموجود في السنغال التقوا مباشرة مع السنوسي ومع قيادات ليبية موالية للقذافي في قاعدة عسكرية بالعاصمة التشادية إنجمينا للإسراع بتنفيذ المخطط السابق .
وفي هذا اللقاء ، عرض السنوسي على زيف أن تمد مؤسسته الأمنية التي بحوزتها مجموعات عسكرية إفريقية ووحدات من المستشارين والمدربين العسكريين ليبيا بمجموعات من أفراد هذه التشكيلات المدربة تدريبا خاصا على القتال في الحروب الأهلية.
وفي مقابل ذلك ، تدفع ليبيا إلى المؤسسة الإسرائيلية خمسة مليارات دولار قابلة للزيادة إذا ما برهن مرتزقتها على فاعليتهم في التصدي للثوار الليبيين.
وتم الاتفاق كذلك على نقل هذه المجموعات الإفريقية المسلحة إلى تشاد ثم تنقلها من هناك طائرات ليبية أو تشادية إلى عدة مناطق ومدن ليبية ، مثل سبها في الجنوب وطرابلس في الوسط وسرت في الشمال.
وفيما نفى نظام القذافي بشدة وصول 50 ألف من المرتزقة إلى ليبيا فور تفجر الثورة ، إلا أن المصادر الإسرائيلية ذاتها أكدت أن عدد أفراد المجموعات الإفريقية المسلحة التي تم الاتفاق عليها في اجتماع إنجمينا بلغ بالفعل 50 ألف شخص كانوا مزودين بأنواع كثيرة من الأسلحة من صنع روسي وأمريكي وبريطاني وإسرائيلي منها بنادق الكلاشينكوف "تافور" المطورة والمحسنة في إسرائيل.
امتيازات لاحصر لها
ولم تقف الفضائح عند ما سبق ، فقد أكدت المصادر نفسها أن الطرف الليبي قدم ضمانات بمنح مؤسسة "غلوبل سي إس تي" بعد وضع حد للثورة ضد القذافي امتيازات في مجال التنقيب واستخراج وتصدير النفط والغاز الليبي في عدة حقول بمناطق سبها وطبرق وبنغازي والكفرة.
كما تعهد الطرف الليبي بإبرام عقد مع المؤسسة الإسرائيلية الناشطة في مجال تشكيل القوات العسكرية والأمنية وإعدادها وتدريبها في إفريقيا وأمريكا اللاتينية والقوقاز من أجل إعادة بناء القوات والأجهزة الأمنية الليبية.
ووعد الطرف الليبي كذلك بالسماح للمؤسسة الإسرائيلية بالنشاط في المجال الأمني في ليبيا وحرية العمل انطلاقا من ليبيا للنشاط في عدد من الدول المجاورة وخاصة في إقليم دارفور غربي السودان وفي النيجر وشمالي تشاد.
ويبدو أن ما سبق ليس مستغربا ، فإسرائيل بعد فشلها في إجهاض الثورتين المصرية والتونسية سعت بكل قوة لدعم القذافي على أمل بقائه في السلطة أو على أقل تقدير إيجاد الأرضية الخصبة للتغلغل الواسع في ليبيا وزرع الفتنة بين قبائلها وتحويلها إلى "صومال آخر" حسبما هدد القذافي صراحة وبالتالي تهديد الأمني القومي لكل من تونس ومصر ومنع تحولهما إلى الديمقراطية بل وضرب نموذج سييء لما يمكن عن أن تسفر عنه الثورات وهو ما يتفق تماما مع المخطط الصهيوني القديم الجديد الهادف للإبقاء على أنظمة استبدادية في العالم العربي .
فمعروف أن تل أبيب طالما قدمت نفسها للعالم على أنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط وبالتالي يجب على الغرب دعمها في مواجهة الديكتاتوريات التي تحيط بها .
وبالنظر إلى أن الثورات المتتالية في عدة دول عربية تعني أن الكلمة ستكون منذ الآن للشعوب ، فإن هذا سبب قلقا بالغا لإسرائيل ليس من الناحية العسكرية وإنما سياسيا ، فهي تعرف أن ميزان القوة العسكرية في صالحها ولكن ما يرعبها هو أن الغرب وعلى رأسه أمريكا سيأخذ بعد ذلك بالحسبان رد فعل الشعوب وبالتالي فإنها لن تستطيع أن تمرر كافة مخططاتها التوسعية والاستعمارية في المنطقة ، بل إن مشاريعها للتطبيع مع الدول العربية الواحدة تلو الأخرى ستذهب أدراج الرياح أيضا .
ويبقى الأمر الأهم ألا وهو أن أغلب دول العالم باتت تتعاطف بقوة مع العرب وتأكدت أنهم أناس مسالمون وحريصون على الحرية والكرامة وحقوق الإنسان بخلاف ما روجت له الدعاية الصهيونية حول أنهم "إرهابيون" ولذا فإنها لن تستطيع أن تقنع أحدا بعد الآن بمبررات مواصلة جرائمها ومجازرها ضد الفلسطينيين ، ففزاعة وصول "الإسلاميين المتشددين" للسلطة تساقطت أمام الجميع ، حيث ركزت الثورات الثلاث في تونس ومصر وليبيا على مطالب اجتماعية وسياسية ولم تركز على العامل الديني من قريب أو بعيد .
وبصفة عامة ، فإن إسرائيل باتت في موقف ضعيف أمام العالم في الوقت الراهن ولذا فإنها لن تتوانى عن فعل أي شيء لتعكير صفو ما حدث في مصر وتونس وليبيا ، ولذا يجب على الجميع الحذر واليقظة .
ويبقى التساؤل القديم الجديد : هل ستقبل واشنطن بإحالة إسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية بسبب إرسالها المرتزقة لقتل الأبرياء العزل في ليبيا أم أنها ستظل كالعادة فوق القانون الدولي والشرعية الدولية ؟ .
Tweet
اخبار مصر |
اخبار العالم |
انجازات مبارك |
اخبار الفن |
اخبار الرياضه |
حوادث |
تكنولوجيا |
اسلاميات |
Comments
Post a Comment